البعض يولد أكثر من مرة
عاد إلى المنزل وتفيض عيناه سعادة ويفيض قلبه مرحاً بعد طول انتظار أخيراً سيرى
محبوبته التي لم يعشق سواها والتي كلما ضاقت به الدنيا وتداعت عليه سهام اليأس وخيم عليه
الحزن وأرخى الهم ثوبه عليه راح وألقى بنفسه في أحضانها وأفرغ كل ما تمتلئ به نفسه بين
يديها فيعود من رحابها كيوم ولدته أمه طاهراً نقياً حالماً باسما إنها الإسكندرية ... لقد كلفته
الشركة التي يعمل بها ببعض المهام هناك ... قبيل الفجر استقل القطار متوجهاً إليها وصل قبل
شروق الشمس ... كان على موعد مع شروق الشمس
في حي المنتزه على شاطئ بحرها الساحر ...
عندما أشرقت عليه شمسها عاد كالطفل ليس هو من كان بالأمس مكتئباً حزينا ....
لقد ولد مع هذا اليوم الجديد
مرت الأيام سريعة أنهى أعماله هناك كان عليه أن يخبر الشركة بما حدث أخبرها وطلب أجازه
أسبوع ... وافقت الشركة خصوصاً وأنه أنهى مهمته في وقت قياسي بدأ أجازته طاف
الإسكندرية شبراً شبراً ...
لكن كان موعده يومياً عند شروق الشمس في المنتزه كان يفعل ذلك ولا يدري ما هو السبب ظل
هكذا حتى أخر يوم في أجازته ...
ذهب ليشهد هذا الميلاد الجديد لكنه سيكون الميلاد الأخير سيودع الإسكندرية على لقاء أخر ...
لكنه لم يجد مكانه فارغاً هذه المرة رأى فتاة جالسة في ذات المكان اقترب منها في هدوء حذر
وسألها في لهفة لماذا تجلسين هنا ؟
نظرت إليه نظرة ثم التفتت إلى سهام الضوء الساقطة على مياه البحر .. ثم قالت أجلس هنا
لأولد من جديد .. !
سألها منذ متى وأنت تفعلين ذلك ؟
وهل تفعلين ذلك في كل يوم ؟
قالت : أفعل ذلك منذ أن أتيت إلى هنا أول مرة
وأفعله كلما جئت هنا
قال : ظننت أني أفعل هذا الأمر وحدي ولا يوجد
من يشاركني فيه .. لم أكن أدرى ما الذي كان يدفعني لذلك أما الآن فقد عرفت السبب لقد كنت
على موعد مع القدر .
محمود سعد